أنفاسمن أغرب الممنوعات في الإسلام من وجهة النظر الأوربية هي تحريم شرب النبيذ.في الآية  219  من سورة البقرة نقرأ ما  يلي:(يسألونك عن الخمر و الميسر قل فيهما إثم كبير و منافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما).وأثار هذا التحريم العديد من النقاشات حول جواز شرب النبيذ.تمخض عنها موقفان:
ــ الخطيئة الفعلية تكمن في الإفراط وليس في شرب الخمر بالذات أي  أن  التحريم يقتصر على المبالغة في الشرب  التي تدفع المؤمنين الى الاشتراك في الصلاة وهم سكارى.
ــ كل ما هو مسكر حرام ‘ حتى الكميات الصغيرة ممنوعة.
رغم ذلك فان شرب الخمر كان مألوفا لدى المسلمين بسبب وجود غير المسلمين بينهم و الذين كانوا دوما يزرعون العنب و يصنعون منه النبيذ ويتاجرون به. وسمحت السلطة المسلمة للاقليات الدينية من يهود ونصارى بالاستمرار بهذا النشاط.
لذلك لم يكن من السهل فرض منع شرب النبيذ و احتفظ المسلمون بموقف ملتبس تجاه الخمر و البعض منهم انغمس فيه بحماس. والعامل الذي سهل الأمر لمحبي الخمر هو وجود  نوع  من التسامح أو عدم المؤاخدة من طرف المجتمع تجاه المدمنين.و احتفظ الشاربون المسلمون بوعي بأنهم يخرقون قانونا ولكن بعكس أكل لحم الخنزير لم يكن يثير شرب الخمر أي تقزز.
ولجأت السلطة أحيانا الى اجراءات صارمة لمكافحة الشرب.فكانت تعاقب المسلمين الذين تكتشف لديهم خمرا بقسوة كالجلد أربعين جلدة.وكان حراس الليل يعاقبون السكارى الذين يُلتقطون في الشوارع  ليلا ثم المحتسب نهاراً الذي كان يراقب الالتزام بالقواعد الاسلامية في الاسواق .ولكن من الملاحظ ان المحتسب كثيرا ما  كان عرضة للسخرية في مؤلفات الادب العربي لانغماسه في الشرب هو الآخر.
محور المقال هو استهلاك النبيذ في الشرق العربي الاسلامي في العصور الوسطى. و سأقتصر على عرض كيفية التعامل مع النبيذ علانية في الحياة العامة ثم سأتناول بعض اوجه التجارة به .و لن أتطرق الى موضوع زراعة الاعناب وقطفها وصناعة النبيذ وتخزينه.
كما لن أتناول أنواع العنب المختلفة.وهناك صعوبة في النقطة الأخيرة لعدم تفريق المصادر العربية بين أنواع الأعناب 1المصادرالعربية التي تتناول الخمر واستهلاكه باسهاب: الشعر و الكتب التاريخية والأدب والحكايات.وتعطينا هذه المصادر نظرة شاملة عن التاريخ الحضاري للخمر في العصور الوسطى العربية .
وقبل الخوض في الموضوع الأساسي دعونا نلقي نظرة على أهم الأمكنة التي اشتهرت بزراعة العنب قبل أن تقع في أيدي المسلمين في الزمن الاسلامي الأول .