
جر نفسا عميقا وأغمض عينيه محاولا جمع تركيزه المبعثر في نقطة واحدة. ولكن التركيز تأبى عليه، ولما شعر بأن محاولته تبوء بالفشل، عاد ينظر إلى فكرة الإنتحار بشيء من الإهتمام البعيد عن الخوف أو التهيب. وكأنما يتأمل قصة بطلها شخص آخر تماما. فتح عينيه ورمى ببصره إلى أسف العمارة حيث لاح له شبح ضخم لشجرة مورقة تنتصب في الرصيف بجانب العمارة. لقد مر عليه عمر طويل وهو قابع في هذا البيت! لقد قدح هيكل الشجرة زناد ذاكرته من جديد وتخايل لعينيه ذاك اليوم الذي قدم فيه مع أهله إلى هذه العمارة، حيث كانت تلك الشجرة لا تزال شتلة صغيرة لا تكاد تبين إذا نظر إليها ناظر من النافذة. إنه يوم بعيد موغل في الماضي. ولكنه قريب من مراكز الإحساس والتصوير.