terreurفجأة وجدت نفسي واقفا وسط هذا الحشد الهائل من الناس وأنا امسك بيدي هذه الرمانة اليدوية المنزوعة الأمان التي قد تنفجر الان في اية لحظة بمجرد التراخي البسيط الذي قد يصيب يدي . وأنا  اصرخ بين الناس أن  يهربوا بعيدا عني ولكن يبدو  وكان لااحد يسمعني ولم يهرب من امامي احد لغاية الآن . ربما السبب هو هندامي الانيق وربطة العنق التي لفت حول رقبتي  بعناية واهتمام كبيرين , كما تلف المشنقة  بإحكام على رقبة مجرم  يؤمل ويُنتظر موتُه منذ زمن بعيد , جعلت لا احد يصدق ان هذا الرجل الذي يشبه استاذا جامعيا ولا يثير الريبة بشكله أو تصرفاته أن يكون إرهابيا .
إنني الآن في مأزق حرج أتساءل مع نفسي بخوف شديد ماذا لو انفجرت هذه الرمانة اليدوية بين هذه الجموع البشرية من الناس فما الذي سيجري عند ذلك ؟ سوف تحدث الكارثة . سيموت الجميع وأنا أولهم . وسيلحقني عاران الأول عار ضميري الميت أصلا , وعار اللعنة التي ستلحق لحمي المتعفن .

cafe-mousseقطع مسافة مقدار شارع وسط المدينة  ثم انحرف إلى زقاق... ، و لم يكن يدرك المسافة التي بقيت للوصول إلى المقهى المجاورة...دخان سيجارته يلف عنقه ، يستعذب مداعبته  لقفاه ....و ضجيج المارة يتسلل إلى كلّ زوايا المكان المهجور ...تتكوم في نفسه افتراضات غريبة ...يتوهم كل العالم ينظر إليه و من حوله سيارات عاطلة من كلّ الماركات ، يحاول حجز المقعد الأمامي لأقربها ، لم ينظر إلى  المسافة التي  تفصل بينه و بين المقعد ، وقعت رجله في الوحل ، يحدّث نفسه سرا : متى أصل ؟ ... و حبّات (الكاوكاو) ، تتناثر في فوضى ، يهرس ما وقع منها بين أضراسه على عجل ، تحدث طقطقة ، يتلذذ بها ، تقع حبّات ، يفركها بقدمه الذي يملأ حذاءه الخشن لسوء حظها  ، يداه ترتعشان للهفة غير مفهومة ... و رغبة قديمة ، يلتفت ذات اليمين و ذات الشمال كالخائف من شيء يتربص به .

( 1 )sisyphus-abstract-lenore-senior
وقف سيزيف منهك القوى ، و العرق  يغسل جسده ، و خلف  المنصة  يجلس  كبار  الآلهة ،  يشربون الكولا  .
خاطبه كبير الآلهة بابتسامته السماوية : سيزيف  أيها  البشري  المغتر  بقوته ، ألم  تتعب ؟.
هل أعجبتك الصخرة ؟ .
-  تعبت ، تشققت يداي ، أحرقني حرّ  الصيف ، و جمدني  ثلج  الشتاء ، ولكن لن أركع … عندي  بقية من الأمل  .
- أي  أمل  يا  سيزيف ! .
- أن يتحرر الإنسان من قيود الآلهة  ، قد  ينقضي  زماني  دون  ذلك ، ولكن لا بد  من زمن   يلد رجالاَ ، يطهرون الأرض ، هذا  الزمن  قادم  لا  محالة  ، لا  أدري  بعد  مائة عام أو مائتين  أو  أكثر ، ولكنه  قادم  بلا ريب .

87موقعك وسط حلقة الجبال الهرمة أعطى للمشهد بلاغة الإبداع ،  إيقاع يهتز له بؤبؤ العين إنبهارا ،
الجبل للجبل , تذكرني حلقتهم  بطقس رقصة " أحيدوس"  ألأمازيغي الدائري ، المرأة للرجل ، و الرجل للمرأة،
" للبندير " نغم  به الدائرة تدور كما الشكل الدائري له  ،                                                                  
للبندير دائرته ،

للحيدوس دائرته ،          
للشمس دائرتها ،  
للأرض دائرتها ،     
لجلسة الأكل دائرتها         
و لتيغزى  دائرتها ،

noyadeسقط الرجل في النهر .اُدخل جسدُه في طيات موجة . احتضنته وراحت تتدحرج  به ، مثل كرة بيد طفل يلعب بها . عابرة به الى الضفة الاخرى , وهناك تم القاء القبض عليه .  اقتادوه  إلى التحقيق , وكان تناهى إلى سمعه  منذ زمن بعيد , مقدار العنف الذي يصاحب التحقيق الذي تمارسه السلطات في تلك الضفة .
يسملون العيون ، يخنقون الحناجر يكممون الأفواه , يشوون الأرجل ،  ويحرقون الجلود .
كان يرتعد خوفا , ليس من العقاب بعينه رغم عنفه بل من مداه الذي سوف يستمر الى الابد . إلى ما لا نهاية . وراح يفكر في هذه الكلمات الاخيرة التي تشبه الرياضيات , حين قاطعه المحقق قائلا له :
- لماذا ألقيت بنفسك في النهر ، فانتحرت ؟

3aida_rrebi3i

إِلى روح الشَّاعِر الشَّهِيد
-  رَعد مطَشر-
نَضْحَك

نَمْضِي
نَنْدَفِع
إِلى ذِراعي العَوْدَة الأَبَدِيَّة لِنحْتشد في أَرْوِقَة الشَّهادَة، نَشِيد
وَيَبْقَى لِكُل نَشِيد زَمان، وَلِكُل أَمْر تَحْت السَّماء وَقْت،
لِلْفَرَح وَقْت، لِلْنَّوْح وَقْت ،لِلْحُب وَقْت
وَلِلْمَوْت وَقْت.
 )  

kandinsky1التقى زهير صبري امرأة تشبه زهرة حمراء على غصن أخضر، فخبّرته بصوت مرتعش أنها تحبّه ولن تستطيع أن تحبّ غيره. فقال لها إنه لا يهتم إلاّ بمستقبله، فبوغت بصفعة مؤلمة تنهال على رقبته، فتلفت حوله، ولم ير الصافع.
وصُفع ثانية عندما قال لأحد الأثرياء إنه أعظم رجل أنجبته البلاد، ولم يرَ الصافع.
وصُفع مرة ثالثة عندما قبَّل بخشوع يد رجل ذي لحية طويلة مشعثة، ورجاه أن يدعو له، ولم يرَ الصافع.

Abstrait_poissonاحترقت الغمامة والموسيقى، والورد ودمى الأطفال، فلم أجد مكانًا أختبئ فيه سوى نهر كثير المياه، وهناك عشت طوال سنوات وحيدًا مستسلمًا لطمأنينة غامضة، حتى جاء في أحد الأيام صياد هرم، فانتشلني بسنارته من قاع النهر، وحدق إلي باستغراب وأسف، وقال: (ظننت أنك سمكة).
فقلت له متصنعًا المرح: (لا تخطئ، فالإنسان أفضل وأروع من السمكة).
فنظر إلى الشمس الآفلة بعينين مجهدتين، وقال: (مساكين أولادي، سينامون الليلة دون أن يأكلوا).
فأحنيت رأسي بخجل، ثم قلت له: (كيف صدقت ما قلته لك؟ كنت أمزح فأنا سمكة).
قال الصياد: (ولكن الأسماك لا تتكلم).