
كان خوفه من اللاشيء خوفا غريزيا ، وكانت الحيرة بين لا شيئين تكبر معه مثل توأم سيامي يشترك قلبا واحدا.
كان حبه مشتتا تماما كما هي أيامه، كل خطوة من حياته لم تكن إلا ليلا مظلما وعيونا لا تنظر إلا سوادا، وقطرتين من المطر، وقليلا من فتاة خبز قديم...
كان ليله عنجهي البرد، وكان سريره صلبا ، يكاد يفتك بعظامه الخائرة المترهلة.
- أوه ! أينك يا مهد طفولتي ؟!
لم يكن يتأوه على المهد لوحده ، فقد كان متضجرا شوقا إلى أيام الصبا ، حيت البياض كان يحتل نفسه احتلالا جميلا... حيث النور كان يأتيه من كل أغوار السماء ، وعقله يعربد في الصفاء... يطير في براءة حلوة إلى دراجة المرارة، ونقية إلى درجة العفن...