
ـ تَبًّا لهذا الإحساس البغيض, يبدو أنَّه يتوجب علي إعادَة تفتيش أكياس القمامةِ تلك من جديد وهذا يعني أنني لن أنام الليلة أيضا.
كان قد أمضى, دُونَ جَدوى, يومه الثاني في سَبيلِ كسرةِ خبزٍ ما بين استِجْداء المارة و تجميع القمامة.
ـ ماذا لو هاجرت ؟ جالت بخاطره, فجأة, الرغبة في ركوب هذه المغامرة فلمعت عيناه من شدة الفرح ، إنْ هي إلاَّ بضع خطوات فأتجاوزُ الحاجزَ الأمنِيَّ وحينها أغْدُو وسط الميناء فأَنْدَسُّ وسط أي سفينة أجنبية وأنتظر... لكن ماذا لو لمْ تقلعِ السفينة؟ ماذا لو أقلعت فحَطّت بي الرحال وسط مكانٍ أشَد فقرًا وبؤسًا.
شَدَّ بعنفٍ معطفَهُ وهو يقاوم ابتسامةً غامضةً كادت أن تُطْلقَها شَفَتاه بعدَ أن أدرك عقلُهُ أنْ لا حياة أسوء مما يعانيه الآن فأكمل طريقه صوب الميناء.
كانت الفكرَةُ قد أدخلتِ بعض الدِّفء إلى نفسِهِ فشَرَعَ يبحثُ عن مكانٍ مقْفِرٍ لدخولِ الميناءِ, لَكِن ما أنْ هَمَّ بتسَلُّقِ الحاجزِ حتَى تناهَى لِسَمعِهِ صوتٌ جافٌ قَادم من قرِيب.
ـ ماذا تصْنَعُ هناك يا ملعُون ؟