إلى التي نسيت ـ تقريبا ـ كل العالم إلا أنا.
وحين تُغلب تناديني :يا ابن أمي!
فيستغرب الملأ من حولها : أهذا أخوك؟
ترد مدارية عثرتها صائحة: أو تظنون أني فاقدة ذاكرة؟
أعرف... ذا ابني، وأخي، وصديقي، ذا نور عيني!
إلى أمي.
شعاع دافئ يمسح براحته وجنتَيَّ، ويسحب مني سكرات نوم لذيذة انتزعتُ انتزاعا بواكرها لدى نواصي الفجر، اتقيته بأن دفنت رأسي تحت الغطاء القطني، وتكورت تكويرة جنينية علني أستمد من التصاق بدني ببعضه البعض حرارة تعينني في أسر فلول النوم الهاربة... ما كدت أفلح حتى ضج المكان من حولي بشبه جلبة جميلة الوقع مألوفٍ لدي جرَسُها؛ أصغيت لاستجلاء مصدرها لكن ما أصبت. فرميت بتوتر غطائي جانبا وفتحت عيني المثقلتين نعاسا، فداهمني خيط نور ثاقب منسل من بين الستائر البيضاء الشفافة وهجه، أغمضت له عيني و سارعت في دعكهما لأبدد ما كان نصيبي من ألم؛ بعدئذ جعلت أفتحهما على مهل ليستأنسا بموجة الضياء المنتشرة في الغرفة، وبوصلتي لا تبارح قيد درجة مصدر الجلبة، فرأيت ـ إذْ رأيت ـ من خلال الستائر الشفافة طائريْ دوري يتناقران ويتناغيان وهما يذرعان - كراقصي بالي - جيئة وذهابا طول الإفريز الممتد وعرضَ الشرفة.